الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن ولاه وبعد ...
فإن التساهل والإفراط في تتبع الشهوات و المحرَّمات قد يؤدي بصاحبه إلى سوء الخاتمة وأن يموت الشخص وهو بعيد عن طاعة ربه وعن ذكر الآخرة، و ربما بدأ ظهور علامات سوء الخاتمة على البعض عند الاحتضار أو التغسيل.
يقول الشيخ القحطاني في محاضرة له:"إن بعض الأموات عندما كنت أغسلهم كان بعضهم تنقلب بشرته إلى السواد، و بعضهم يقبض يده اليمنى، و بعضهم يدخل يده في فرجه، و بعضهم تشم رائحة الشواء تخرج من فرجه، و بعضهم تسمع كأن أسياخاً من نار أُدخلت في فرجه*"، و يضيف قائلاًً : "و لقد جيء بميت فلما ابتدأنا بتغسيله انقلب لونه كأنه فحمة سوداء، و كان قبل ذلك أبيض البشرة فخرجت من مكان التغسيل و أنا خائف فوجدت رجلاً واقفاً فقلت له: هذا الميت لكم؟ قال: نعم، قلت : أنت أبوه؟ قال:نعم، قلت: ما شأن هذا الرجل؟ قال هذا الرجل كان لا يصلي ، فقلت له: خذ ميتك فغسله" التحذير من سوء الخاتمة ص33-34 .
إعلم أخي المسلم : أن الخوف من سوء الخاتمة طيّش قلوبَ العلماء و الصالحين، و حيّر أفئدتهم في كل حين، فقاطعوا التسويف ، و انتبهوا آناء الليل و أطراف النهار، و ما غاب عنهم أن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء سبحانه... فكم سمعنا عمّن آمن ثم كفر أو استقام ثم انحرف، و لذلك كان صلى الله عليه و سلّم كثيراً ما يردد في دعائه : "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك".
و كان مالك بن دينار يقوم طول ليله قابضاً على لحيته و يقول:" يا ربِّ، قد علمتَ ساكن الجنة و ساكن النار ففي أي الدارين منزل مالك"، و لما حضرت الوفاة الفضيل بن عياض غُشي عليه ثم أفاق و قال:" يا بُعدَ سفري و قلة زادي "... فما بالي أنا و أنت و هو وهي .. نخطو فوق الأرض ، طيب طعامنا ، مريح فراشنا، مطمئنة نفوسنا، و كأنا قد اجتزنا الصراط و أنخنا رحالنا في الجنان، و كأنّا لم نحدث شيئاً مع كثرة ذنوبنا و معاصينا...!!!!!
فالنجاة النجاة، و إلى الله أيها الرجال و النساء...إلى الله أيها الشباب و الشابات، إلى التوبة قبل فوات الأوان فقد كثرت في هذا الزمان الفتن والمغريات، بل وأصبحت في متناول الجميع فهذه قنوات ومحطات، وهذه قصص ومجلات، وتلك اسطوانات وجوالات تقرب المنكرات وتعرض الصور الخليعة و المفسدات ...و هذه مخدرات و مسكرات، كل هذا مع ما امتلأت به الشوارع من متبرجات فاتنات مفتونات مغرورات، و غافلين لاهين عابثين ...
وأنت أخي الشاب : إعلم أنك إن لم تبتعد عن مواطن الفتن ومثيرات الشهوات فإنك ستجلب لنفسك آفاتٍ كثيرة و محناً عظيمة فعليك بتقوى الله وبالابتعاد عن الأشياء التي تعلم أنها شر وبلاء عليك وخاصة فتنة النساء.
قال صلى الله عليه وسلم : " ما تركت بعدي فتنة أضرَّ على الرجال من النساء " رواه البخاري .
و أنتِ أختي المسلمة تأملي هذا الحديث:"سمع أسيد الأنصاري رسول الله صلى الله عليه و سلّم و هو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق، فقال صلى الله عليه و سلّم للنساء:" استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق، فكانت المرأة تلتصق في الجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به" حسن...
فأين نساؤنا اليوم من هذا و هن يستعرضن و يعرضن ما لديهن من زينة و إغواء في الأماكن العامة و الطرقات بين الرجال و الشباب ضاحكات مبتسمات دون حياء، ثم تراها تزاحم الشباب الطريق دون حياء حتى يضطر الشاب أن يلزم حافة الطريق بدلاً منها، وكأنهن لم يسمعن بقوله صلى الله عليه و سلّم عن أمثالهن:" العنوهن فإنهن ملعونات" .
و لو أن إحداهن غضب منها عزيز عليها لتقلبت الساعات على فراشها لا يغمض لها جفن، و لا يهنأ لها بال، و لما طاب لها طعام أو شراب، أمّا غضب الجبار فليس له عندها اعتبار، و هو الذي إن أخذها فستعلم.. و لكن بعد فوات الأوان... أنها ما كانت إلا في غرور.
و اعلم يا مسلم أن من ألقى بنفسه في بحر الشهوات فهو كمن يشرب من ماء البحر الذي لن يزيده إلا عطشاً وسيدفعه أكثر إلى البحث عن الوسائل المحرمة لإشباع شهواته.
فيا من أكرمه الله بالعقل وميزه به عن باقي خلقه استعمل عقلك وقلبك وكلّك فيما يرضي ربك ولا تطلق العنان لشهوات نفسك الأمارة بالسوء وتذكر قوله صلى الله عليه وسلم : " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن عمره فيمَ أفناه وعن علمه فيمَ فعل فيه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه وعن جسمه فيمَ أبلاه " صحيح .
فبماذا ستجيب ربك ..؟؟ وماذا ستقول له عندما يسألك:ألم أصحَ لك بدنك، ألم أعطكَ عينين و أذنين، ألم أعطكَ يدين و رجلين، ألم..ألم...؟؟ هل ستقول أنك كنت تقضي وقتك في متابعة القنوات وملاحقة الفتيات والجلوس على التشاتات والإباحيات...!! هل ستقول أنك أنفقت مالك لفواتير الانترنت وأتعبت نظرك وأضعت وقتك بالحرام والنظر إليه ...
و أنتِِ أيتها المرأة هل ستقولين أنكِ كنتِ تتفننين في فتنة الرجال و لفت أنظارهم إليكِ و مخالطتهم بما لا يرضي الله عز و جل مع تضييع للصلوات و متابعة للاغاني و القنوات...!؟ " يوم تشهد عليهم ألسنتهم و أيديهم و أرجلهم بما كانوا يعملون".
إن من يُحسن إليكَ و يقدم إليك معروفاً من البشر تثني عليه في المجالس و عند الناس و قد تستحي منه حين يقابلك و تلقاه و تراه..أفلا تستحي ممّن نعمه عليك ظاهرة و آلاؤه سابغة لا تُعدُّ و لا تحصى و أنت تبارزه بالمعاصي و الذنوب...؟!
فاتقِ الله أخي المسلم وتذكر أن هناك قبرًا له ضمة و ظلمة، وهناك سؤالاً وحسابًا وعذابًا، وربك الغفور الرحيم يمهلك فإن لم تتب فتذكر شدة عذابه وأليم عقابه، فعالج نفسك واستقم على أمر الله ولا تتبع خطوات الشيطان لأنه هو وأصدقاء السوء سوف يتبرؤون منك يوم القيامة ..

قال تعالى : " وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى " .

وصلى اللهم على نبينا محمد و الحمد لله رب العالمين

أرجوا نشرها حتى يعم الخير و الثواب

*و لكن لا ينبغي لمن غسّل ميتاً معيناً أن يقول ظهر على فلان كذا أو كذا من السوء عند غسله، و لكن يكتم ما يرى، و لا بأس أن يكون كلامه للوعظ و التذكير عاماً دون ذكر أسماء أو تعريف بأشخاص، قال صلى الله عليه وسلم:" من غسل مسلماً فكتم عليه غفر له الله أربعين مرة " .صحيح.